Wednesday, August 20, 2008

نور وهنا - طفلتان بهائيتان تم طردهما من المدرسة بسبب ديانتهم

نور وهنا
د/محمد منير مجاهد

المسئول الأكبر عن التمييز الديني المتفاقم في المجتمع هو جهاز الدولة ذاته، والغريب أن الدولة تحرص على ألا ننسى هذه الحقيقة، فمن آن لآخر تأتي بفعل غريب لا يمكن تفسيره إلا بالتمييز الديني الصريح ضد مواطنيها الذين يفترض طبقا للدستور أنهم متساوون في الحقوق والواجبات ولا تفرقة بينهم على أساس الدين أو اللون أو الجنس.
آخر وقائع التمييز الديني هي ما نشره كل من الأستاذ صلاح عيسى بعموده “مشاغبات” بالمصري اليوم في 9 أغسطس، والأستاذ نبيل عمر بجريدة الأهرام في 12 أغسطس 2008، وضحايا التمييز الديني هذه المرة طفلتين شقيقتين هما نور (ست سنوات ونصف) وهناء (ثلاث سنوات ونصف) الذين لا ذنب لهما إلا أنهما ولدتا لأبويين بهائيين، فالشقيقة الكبرى طردت من المدرسة والصغرى لم تتمكن من الالتحاق أصلا، لأن وزارة التربية والتعليم أصدرت تعليمات بأن تكون شهادات ميلاد التلاميذ بالكومبيوتر, ‏‏والجهات الرسمية ترفض أن يشارك الكومبيوتر في استخراج أي مستندات مكتوب عليها بهائي‏.
ليس من الواضح السبب في إصدار القرار الإداري رقم 49 لسنة 2004 لمصلحة الأحوال المدنية بإثبات ثلاث ديانات فقط في الأوراق الثبوتية وحرمان المواطنين البهائيين من أبسط حقوق المواطنة في الحصول على بطاقة هوية، يقول دعاة التمييز الديني أن كتابة صفة “بهائي” في خانة الديانة تعني اعترافا بالبهائية كديانة وهو ما يرفضه الإسلام من وجهة نظرهم، وأنا أسأل الوزارة وحلفائها من الغلاة ما الذي يقصدوه بـ “الاعتراف”؟
البهائيون لم يطالبوا لا الوزارة أو الغلاة بأن يدخلوهم الجنة، ولم يطلبوا منهم أن يقروهم على صحة عقائدهم، ولم يطلبوا من أحد أن يعبد الله بنفس الطريقة التي يعبدونه بها، البهائيون لم يطلبوا إلا الاعتراف بحقهم الكامل في أن يؤمنوا بما يشاءون؟ وهو حق تقره جميع الأديان كما يقره المنطق السليم.
الدين لغةً هو العقيدة بغض النظر عن صحتها أو فسادها وفي هذا يقول الله سبحانه وتعالى “قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون” وينهي السورة بقوله “لكم دينكم ولي دين”، ومع هذا فلنفترض أننا لم نعترف بأن البهائية دين فماذا نفعل في هذه المعضلة، فالبهائيين لا يعتبرون أنفسهم مسلمين والمسلمون يعتبرون البهائيين خارجين على الإسلام أي ليسوا مسلمين، فهل نجبرهم بعد هذا أن يتظاهروا بأنهم مسلمين؟
ثم ما الذي يضير المسلمين في أن يظل البهائيون بهائيين وقد قبل أجدادنا أن يظل المجوس مجوسا والصابئة صابئة؟ وليس من حق أي أحد تحديد من يعترف بهم ومن لا يعترف بهم، فكلنا أبناء وطن واحد معترف بنا جميعا مهما اختلفت آرائنا أو عقائدنا وليس لأحد الحق في توزيع صكوك الاعتراف أو غيرها من الصكوك.
وأخيرا ما الذي يضير وزارة التربية والتعليم والغلاة في أن تدخل نور وهناء المدرسة ليتعلما وينفعا نفسيهما ومجتمعهما، وما الذي يضير وزارة الداخلية المسئول الأول عن محنة البهائيين من تنفيذ الحكم القضائي الذي صدر بأن يكتب في خانة الديانة بالنسبة للبهائيين شرطة، وما الذي يضيرنا كمصريين من إلغاء خانة الديانة أو على الأقل جعلها اختيارية في جميع الأوراق الثبوتية، ففي النهاية لن ندخل الجنة بالبطاقة الشخصية.

No comments: