بقلم نبيـــل عـمـــر- جريدة الاهرام
قد جاءتني رسالة من والد طفلين تحمل وقائع في غاية الغرابة, فالطفلان المصريان مهددان بأن يحرما من حق التعليم حرمانا دائما, لأنهما ليس مسلمين ولا مسيحيين, وإنما بهائيين, فالطفلة نور وسيم كمال الدين عمرها ست سنوات ونصف السنة وهي في سنة أولي ابتدائي, بالمدرسة البريطانية بالرحاب, والطفلة هناء وسيم عمرها ثلاث سنوات ونصف السنة ويريد الأب أن يلحقها بنفس المدرسة, لكن المدرسة لم تقبلها بل وطردت الإبنة الأكبر, لماذا ؟.. لأن وزارة التربية والتعليم أصدرت تعليمات بأن تكون شهادات ميلاد التلاميذ بالكومبيوتر, والجهات الرسمية ترفض أن يشارك الكومبيوتر في استخراج أي مستندات مكتوب عليها بهائي, لكنها أيضا ترفض أن تضع شرطة في خانة الدين بدلا من كلمة بهائي.
المهم أن والد البنتين أخذ أوراقهما الي الادارة التعليمية بالقاهرة الجديدة, كي تصدر قرارها بقبول التلميذتين بشهادتي ميلاد ورقية نظرا لوضعهما الخاص, فقال له محمد عبد السلام الكومي مدير التعليم: آسف ليس هذا من اختصاصي.. اذهب الي الوزارة!
فذهب الي الوزارة, فقالوا له: اكتب شكوي في مكتب خدمة المواطنين
كتب الأب الشكوي وانتظر اسبوعا, وراح يسأل فأجابوه: الشكوي راحت الي مديرية التربية والتعليم..
توجه الأب إلي المديرية فقالوا له: الشكوي أرسلناها الي مديرية التعليم بالقاهرة الجديدة.
عجيبة.. لقد رجع الأب إلي نفس الشخص الذي ذهب إليه أول مرة, فوجد تأشيرة تقفل باب التعليم في وجه ابنتيه بالضبة والمفتاح: لا تقبل شهادة الميلاد الورقية ولا يعتد بها ولابد من من تقديم شهادة كومبيوتر!
وسؤالي للسيد محمد مدير التعليم بالقاهرة الجديدة والدكتور يسري الجمل وزير التعليم: هل شهادة الكومبيوتر أهم من الدستور المصري الذي ينص علي أن التعليم حق مكفول لكل المواطنين ؟!
هل مخالفة الدستور أخف وأسهل من مخالفة قرار وزاري ؟
علي فكرة حرية العقيدة ليس معناها حرية ممارسة الشعائر فقط, فالأهم ألا يقع علي أصحاب العقائد والديانات الأخري ضرر أو تمييز من أي نوع بسبب اعتناقهم دينا مخالفا لدين الأغلبية, والاسلام بنصوص قرآنية صريحة ودون مواربة أو تأويل أو تفسير يؤمن تماما بحرية العقيدة ولا يقبل أي إكراه يمارس علي المخالفين له.
No comments:
Post a Comment