كتب الاستاذ نبيل عمر فى عموده اوراق خاصة بجريدة الاهرام
الثلاثاء 18- 3-2008
لم أفهم أن يمتنع رئيس كنترول الثانوية العامة عن قبول استمارة الطالبة خلود حافظ عبده, لأنها كتبت في استمارة التقدم بخانة الديانة بهائية, كما هو مدون في شهادة ميلادها, وقال لأبيها: لو مش مسلم مالكش حاجة عندي, وبنتك حتتحرم من دخول الامتحان!
قد يكون للمسلمين تحفظات علي ديانات الآخرين, وهذا حقهم مادامت هذه التحفظات لا تتحول إلي أفعال ضارة مادية أو معنوية ضد أصحاب هذه الديانات, وهو نفس حق الآخرين في أي تحفظات تجاه الإسلام مادامت لا تتشكل في أي هيئة علنية تسيء إلي مشاعر المسلمين أو تضر بمصالحهم, إن الله سبحانه وتعالي هو الحكم العدل في عباده, وهذا حق مطلق لله لم يمنحه لأي إنسان مهما كان, فكلنا عبيد الله مهما تكن ألوان بشرتنا أو أصول أجناسنا أو أنواع ديانتنا, فهو الذي خلقنا شعوبا وقبائل مختلفة ومتباينة, ونحن راجعون إليه يحاسبنا بموازينه وأعمالنا, فلا إكراه في الدين, فالله أكبر وأجل, فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر!
فلماذا يخرج نفر منا ويتصورون أنفسهم أوصياء علي الدين, هم حملة البركة واللعنة, هم ملاك الحقيقة المطلقة, لديهم مفاتيح أبواب الإيمان, ولهم المعرفة والقدرة علي هتك أسرار القلوب فيفتحون تلك الأبواب أو يغلقونها في وجوه البشر عبيد الله, حسب ديانتهم, وربما حسب درجة إيمانهم كما يصنع بعضهم أحيانا.
والطالبة خلود حرة فيما تؤمن وتعتقد, ويضمن لها الدستور المصري هذا الحق ضمانا كاملا غير مشروط إلا باحترام القانون, ولا يشترط أي قانون في مصر أن يكون الطالب مسلما لتقبل منه استمارة التقدم إلي امتحان الثانوية العامة, وعدم قبولها هو إخلال واضح بمبدأ مهم في الدستور, وهو أن جميع المواطنين سواسية في الحقوق والواجبات, لا يفرق بينهم الدين أو العرق أو اللون أو الجنس, ورفض استمارة خلود هو إعلاء من شأن الرأي الشخصي علي حساب القانون العام
, فرئيس كنترول الثانوية العامة لا يري في خلود طالبة مصرية تستحق أن تتعلم لأنها بهائية مخالفة للدين الإسلامي, ونحمد الله أنه لم يحاول قتلها أو إهدار دمها أو علي الأقل إبلاغ الجماعات المتشددة التي تميل إلي العنف عنها فتتعقبها.نحن أمام ظاهرة خطيرة جدا, وهو تديين الدولة, فصار منا من يرفض طالبة, ومنا من يرفض حكما قضائيا, وهذه أحداث لا تنبئ بأي خير علي الإطلاق!.
No comments:
Post a Comment