Wednesday, March 19, 2008

إكراه في الدين‏! - ‏مقال بجريدة الاهرام

كتب الاستاذ نبيل عمر فى عموده اوراق خاصة بجريدة الاهرام

الثلاثاء 18- 3-2008

لم أفهم أن يمتنع رئيس كنترول الثانوية العامة عن قبول استمارة الطالبة خلود حافظ عبده‏,‏ لأنها كتبت في استمارة التقدم بخانة الديانة بهائية‏,‏ كما هو مدون في شهادة ميلادها‏,‏ وقال لأبيها‏:‏ لو مش مسلم مالكش حاجة عندي‏,‏ وبنتك حتتحرم من دخول الامتحان‏!
‏قد يكون للمسلمين تحفظات علي ديانات الآخرين‏,‏ وهذا حقهم مادامت هذه التحفظات لا تتحول إلي أفعال ضارة مادية أو معنوية ضد أصحاب هذه الديانات‏,‏ وهو نفس حق الآخرين في أي تحفظات تجاه الإسلام مادامت لا تتشكل في أي هيئة علنية تسيء إلي مشاعر المسلمين أو تضر بمصالحهم‏,‏ إن الله سبحانه وتعالي هو الحكم العدل في عباده‏,‏ وهذا حق مطلق لله لم يمنحه لأي إنسان مهما كان‏,‏ فكلنا عبيد الله مهما تكن ألوان بشرتنا أو أصول أجناسنا أو أنواع ديانتنا‏,‏ فهو الذي خلقنا شعوبا وقبائل مختلفة ومتباينة‏,‏ ونحن راجعون إليه يحاسبنا بموازينه وأعمالنا‏,‏ ‏ فلا إكراه في الدين‏,‏ فالله أكبر وأجل‏,‏ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر‏!
‏فلماذا يخرج نفر منا ويتصورون أنفسهم أوصياء علي الدين‏,‏ هم حملة البركة واللعنة‏,‏ هم ملاك الحقيقة المطلقة‏,‏ لديهم مفاتيح أبواب الإيمان‏,‏ ولهم المعرفة والقدرة علي هتك أسرار القلوب فيفتحون تلك الأبواب أو يغلقونها في وجوه البشر عبيد الله‏,‏ حسب ديانتهم‏,‏ وربما حسب درجة إيمانهم كما يصنع بعضهم أحيانا‏.
‏والطالبة خلود حرة فيما تؤمن وتعتقد‏,‏ ويضمن لها الدستور المصري هذا الحق ضمانا كاملا غير مشروط إلا باحترام القانون‏,‏ ولا يشترط أي قانون في مصر أن يكون الطالب مسلما لتقبل منه استمارة التقدم إلي امتحان الثانوية العامة‏,‏ وعدم قبولها هو إخلال واضح بمبدأ مهم في الدستور‏,‏ وهو أن جميع المواطنين سواسية في الحقوق والواجبات‏,‏ لا يفرق بينهم الدين أو العرق أو اللون أو الجنس‏,‏ ورفض استمارة خلود هو إعلاء من شأن الرأي الشخصي علي حساب القانون العام‏
,‏ فرئيس كنترول الثانوية العامة لا يري في خلود طالبة مصرية تستحق أن تتعلم لأنها بهائية مخالفة للدين الإسلامي‏,‏ ونحمد الله أنه لم يحاول قتلها أو إهدار دمها أو علي الأقل إبلاغ الجماعات المتشددة التي تميل إلي العنف عنها فتتعقبها‏.‏نحن أمام ظاهرة خطيرة جدا‏,‏ وهو تديين الدولة‏,‏ فصار منا من يرفض طالبة‏,‏ ومنا من يرفض حكما قضائيا‏,‏ وهذه أحداث لا تنبئ بأي خير علي الإطلاق‏!.‏

No comments: