بقلم :سلامة أحمد سلامة
5/2/2008
أزاح الحكم القضائي الذي يتيح للبهائيين ترك خانة الديانة في الأوراق الرسمية خالية, أو وضع شرطة أمامها, عقبة جوهرية من العقبات التي وصمت الحكومة المصرية بالتعصب الرسمي وانتهاك حرية العقيدة, فضلا عن إجهاض مبدأ المواطنة.. وهو أمر ما كان يجب علي الحكومة أن تنتظر صدور حكم قضائي بشأنه. وبالتالي فلا معني لأن تستشكل أو تطعن وزارة الداخلية أو أطراف أخري ضد الحكم!وقد استند الحكم الي قرار لمجمع البحوث الأسلامية بعدم الأعتراف بالبهائية كديانة سماوية أو بالبهائيين كجماعة أو كيان سياسي أو ديني.. ومن ثم فهي لا تدخل ضمن الديانات السماوية الثلاث المعترف بها وهي الأسلام والمسيحية واليهودية. وهي خطوة علي الطريق في الأنتصار لمبدأ الحرية والتسامح.دوافع الأمر أن هذا القرار تأخر كثيرا, وكان سببا في الأساءة الي الحقوق المدنية لفئة مهما تضاءل شأنها وقل عددها, إلا أنها حاضرة في المجتمع بشكل أو بآخر. وكانت إما مكرهة علي التظاهر بدين لا تؤمن به, أو عاجزة عن ممارسة حقوقها المدنية واستخراج الأوراق الرسمية التي تمكنها من العيش بسلام والحفاظ علي حقوقها الشخصية. وهو ما كان يعتبر شكلا من أشكال الاعدام المدني الذي تمارسه الأغلبية ضد الأقلية, وينتهك حقا أصيلا من حقوق الأنسان وهو حرية الأعتقاد.. علما بأن هذه الحرية بالذات من أولي وأهم الحريات التي كفلها الأسلام حين أكد أنه لا إكراه في الدين, ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر!!وفي التاريخ الأسلامي, كما في العديد من المجتمعات الأسلامية المعاصرة, تعايشت مع المسلمين أقليات من طوائف ونحل غير سماوية, ومارست حقها في العبادة وإقامة شعائرها تحت حماية الدولة التي تعيش فيها.. فنحن نعرف طائفة الدروز في الشام, والصابئة في العراق, والمجوس وعبدة النار في إيران, وعشرات غيرها من الملل والنحل التي خرج بعضها من عباءة الأسلام أو اختلطت عقائدها بطقوس غرائبية ذات جذور موغلة في القدم. لها معابدها ومقدساتها ولا أحد يتدخل فيها أو يسعي للنيل منها. بل إن العكس هو الصحيح: فكل محاولة للتبشير والإغراء أو الضغط والأكراه غالبا ما تؤدي الي انفجارات طائفية وحروب دينية.ومن ناحية أخري فنحن نعيش الآن في عالم سقطت فيه الحواجز الثقافية والحضارية.. ولا مندوحة لنا من التعامل مع شعوب ومجتمعات لا علاقة لها بالأديان السماوية. وفي الجوار كتل بشرية ضخمة من البوذيين والتماويين والهندوس والسيخ. ومن ثم فإن رؤية العالم المحيط بنا من خلال منظور ضيق مغلق, ينطوي علي تبسيط ساذج مخل حين نري في المذاهب الأخري وأتباع العقائد غير السماوية مصدرا للتهديد والخطر.ولو أن الحكومة أخذت بالفكرة التي أقرها المجلس القومي لحقوق الأنسان, بإلغاء خانة الديانة من الأوراق الثبوتية, مع الإبقاء عليها في المراجع الأحصائية, لكان خيرا وأحسن تقويما!!
ادخل على موقع الجريدة
No comments:
Post a Comment